المدرسة والطفل
يعتبر الدخول إلى المدرسة أول وأكبر مغامرة يقوم بها الطفل في بدء حياته، فإنه في طفولته الأولى نراه يستمع إلى ما يقوله أقرانه عن المدرسة والصف والأصدقاء، فينتظر دخول هذه الحياة الجديدة والتي تكون نوعاً ما غامضة في نظره ومخيلته لعدم معرفته بها معرفة تامة، حيث تعتري نفسه خليط من الانفعالات التي يتخللها الفضول والجزع وقلة الصبر والإقدام والإحجام، ولعله يحس أنه وحيد ومهمل إذا رأى أقرانه، وكل الذين يكبرونه قليلاً يمضون من دونه إلى المدرسة ويعودون منها، وكلهم نشاط يتعلمون فيها القراءة والكتابة ولا بد أنه استمع بكثير من الدهشة والاستغراب إلى الحديث الذي يتناول ما يجري في هذا المكان، وهو على الرغم من تشبثه بالبيت وحرصه على البقاء فيه، إلا أنه يرغب بالخروج منه والذهاب إلى المدرسة، خاصة وأن أصدقاءه كلهم يذهبون إليها.
لذا فإن الطفل يرغب فيما يرغب فيه أقرانه وأن يفعل مثل الذي يفعلون، ثم إن الصغير قبل سن المدرسة يحس بأن عليه أن يمارس تجربة الانخراط في الحياة العامة خارج المنزل فيتوق إلى أن يحبه الآخرون، وأن يكون محبوباً عندهم وأن يشاركهم ما يقومون به من كافة النشاطات اليومية والتي من خلالها يمارسون طفولتهم.
فالمدرسة ليست كما يتصورها البعض هي لمجرد الدرس وتعلم القراءة والكتابة وغيرها من العلوم، بل هي مؤسسة تربوية متكاملة إذ أنها تعلم الصغير جل ما يكون في إطار مستلزمات الحياة الاجتماعية السليمة، لأن الغرض من التربية هو صنع جيل مؤهل معنوياً ومادياً، بترسيخ القيم الإنسانية والأخلاق الكريمة، وتنمية المهارات، وأيضاً تنمية جميع الأبعاد الوجودية المتعلقة بهذا الكائن، من الجسم والذهن والنفس والعواطف والعقل، وتحريره من المضايقات والظلمات والنقائض وهي أيضاً تمد الطفل بطاقة هائلة لبعث النشاط والحيوية في نفسه فنرى الطفل يتعلم ويلهو ويلعب في نفس هذه المؤسسة التربوية.
أسباب التأخر الدراسي
لسوء الحظ إن بعض الأطفال يتعرضون في المدرسة لمشكلة التأخر الدراسي والتي تعتبر من أصعب المشاكل التي تواجه التلميذ لأنها تحصره في زاوية ضيقة.
والسبب في ذلك هو إصابته ببعض الأمراض النفسية مثل الغيرة الشديدة، أو الخوف وضعف الثقة بالنفس أو الإقدام على الفوضى أو سيطرة السلوك العدواني عليه إلى غير ذلك من المشاكل المترتبة على شعور التلميذ بالنقص والانطواء أو السلبية أو العدوان أو السرقة واضطراب صحته النفسية.
وعندما نريد تحديد مشكلة التأخر الدراسي فإنه يجب علينا معرفة السبب في ذلك فقد تكون الأسباب خارجة عن إرادة الطفل كالأسباب العضوية أو أن هناك عوامل متعددة تساهم في تكوينها المدرسة أو البيت أو كلاهما. ولجلاء أسباب المشكلة يجب أن تتحد جميع الجهود في البيت لاسيما الأبوين أو المربي والمدرسة من خلال المعلم والمرشد الطلابي أو الطبيب النفسي. ومن الضروري على أسرة التلميذ أن تقوم بجمع معلومات دقيقة وموضوعية عن حالة الطفل، ليكون الوصول لتشخيص حالة الطفل أيسر وأضمن، كما ينبغي متابعة الطفل صاحب المشكلة من امتحان إلى آخر ومن سنة إلى أخرى وليس بشكل وقتي فقط.
وترجع أسباب مشكلة تأخر الطفل في المدرسة إلى أسباب فردية وتنقسم إلى ثلاثة أقسام جسمية وعقلية ونفسية.
في الحالة الجسمية يعاني الطفل المتأخر دراسياً من ضعف عام بسبب سوء التغذية أو إصابته بالأمراض الطفيلية أو ضعف السمع أو البصر.
ومن الناحية العقلية قد يكون مستوى ذكاء الطفل المتأخر دراسياً أقل بكثير من مستوى الذكاء العام لبقية الأطفال أو ربما يكون متخلفاً في قدراته العقلية، مما يجعله غير متابع لدروسه.